الخذلان

ليس أصعب من أن لا تجد من يجيب النداء، يسمع صرختك ويقول أنا معتصمك، ينصرك من الظلم الذي أحاط بك، والأشد مرارة أن هذا الذي لا يريد أن ينصرك تتشارك معه ذات المعتقد، ونفس المذهب٫ ومع ذلك يفضل موتك على أن يجيب استغاثتك، يفضل أن تبقى بالذل والمهانة على أن يساعدك لتأخذ حقك المسلوب.

وعاد رمضان ولم تندمل جراحنا، في كل شبر في بلاد الثورة أم ثكلى، ويتيم أو يتيمة لم يجدوا من يمسح على رؤسهم، ويجير عثرتهم، وزوجة سحل زوجها فلم يجد من ينتصر لتلك الأشلاء المبعثرة على أرصفة المهانة، وبنت هتك عرضها لمجرد أن أباها يطالب بالحرية، ويريد أن تعيش إبنته في زمن لا يمتهن الكرامة.

هناك في سوريا حيث لا مجيب لصرخاتهم المتتالية، ولا ذنب لهم إلا أن قالوا لا للظلم، لا للمهانة، ونعم للحرية، فلم تراعى إنسانيتهم ولم تجاب رغبتهم، ليعاملوا بدون أن يكون لهم حق العيش كبشر، فكيف بأن تحقق رغباتهم.

هناك في سوريا جرح ينزف منذ عامين، والعالم كله صامت فليس أحب عليهم من أن تهان ديار معاوية رضي الله عنه، وتمتهن حضارة اسلامية شع منها النور للعالم أجمع.

هناك في سوريا قصص ستخلد مدى الغدر العالمي الذي أحاط بها، ودماء ستروي عطش التاريخ، لتروي للأجيال كيف صمد أهالي الشام أمام جبروت إبن البلد، وتبقى تـذكر العالم أجمع بأن ليس أشد منظلم ذوي القربى.

ليس جرح واحد، وليس هم واحد، وإنما جراح تتوالى النزيف من كل جزء في هذا الجسد العربي، فها هي مصر لم تحترم حق الصندوق، وأرادت أن تمتهن الثورة وتعود فلول النظام البائد من جديد، لكي يثبتوا للعالم أن حضارتنا لن تعود إلا عندما يقتتل الأشقاء، وكأن الشقاء هي السمة الملازمة لهذا الجيل العربي.

ولولا الأمل لن نبقى في الحياة، إن هي إلا غمة ستزول قريباً، وسينبلج فجر جديد يستشعر العالم فيه قوة صبرنا، وحجم تعلقنا بالله، فلا تفقدوا الأمل سيأتي اليوم الذي نتحرر فيه من قيود العبودية المريرة، التي زرعها في قلوبنا حكام الظلام، وستشرق شمس جديدة نعرف فيها معنى الحياة، وقوة المطالبة بالحق.

رمضانكم مبارك…

سجل أعجابك

Share

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.